الاثنين، 22 أبريل 2019


ننام بين القتلَة

قصائد، للشاعر الألماني: برتولد بريشت
ترجمة: محمد عيد إبراهيم




العيب الوحيد
دبّابتك، يا جنرال، آلةٌ 
فعّالة، فهي تهشّمُ الغاباتِ
وتطحن مئاتِ الرجال. لكن
عيبها الوحيد، أنها تحتاجُ سائقاً.
قاذفةُ قنابلك، يا جنرال، جبّارةٌ،
فهي تطيرُ أسرع من العاصفةِ،
وتحملُ أكثرَ من فِيلٍ. لكن عيبها
الوحيد، أنها تحتاجُ ميكانيكياً.
الإنسانُ نافعٌ، يا جنرال. فهو
قد يطيرُ، وقد يقتلُ. لكن عيبه
الوحيد: أنه يفكّر.

جريمة الكلام
يا لهُ من عصرٍ
الكلامُ فيهِ مع الشجرِ جريمةٌ،
فهو نوعٌ من الصمتِ على العَنَت!



الحلّ
بعد انتفاضة 17 يونيو 1953
بألمانيا الشرقية، وزّعَ
سكرتيرُ اتّحادِ الكتّابِ وريقاتٍ
ستالينية، تشرحُ أن الشعبَ
قد خسِرَ ثقةَ الحكومةِ، وعليهِ
أن يستردّها فقط بمجهودٍ
مُضاعَفٍ. أليس من الأيسرِ،
في هذه الحال، على الحكومةِ،
أن تحلّ الشعبَ، فتنتخب آخرَ؟

لمن هذا العالم؟
حين نجوعُ، أو نشبعُ
للأمامِ، لا تنسوا ـ صمودنا!
العصابةُ كلّها التي تحكمنا
تأمُل ألاّ يكفّ شِجارُنا
تُعيننا أن ننقسمَ ونتبدّدَ
ليظلّوا فوقنا.
للأمامِ، لا تنسوا 
أين مكمنُ قوّتنا الآنَ!
اتّحدوا ـــ
هكذا تكسرون قيودكم.
أفواجكمُ الجبّارةُ ستقاتلُ الآنَ
حتى لا يظلّ جبّارٌ واحد!
حتى ينطلق السؤالُ الدالّ
حين نجوعُ، أو نشبعُ:
لمن الغدُ؟ ولمن هذا العالمُ؟

لا أُغلَب
راوغتُ سمكَ القرشِ   
ذبحتُ النمورَ. لكن غلبتني
بقّةُ الفِراشِ.



العدوّ أمامهم  
حين يحينُ وقتُ المسيرِ،   
لا يعرفون أن العدوّ أمامهم.
الصوتُ مانحهم الأوامرَ
هو صوتُ عدوّهم،
والصوتُ المتحدّث عن العدوّ
هو نفسهُ العدوّ.

أيّ طريق؟
يقول مَن هم أعلانا،
هذا طريقُ المجدِ.
يردّ مَن هم أدنانا:
هذا طريقُ القبرِ.

للجياعِ التضحية
مَن يتناول اللحم من الطاولةِ،
يعلّمنا القناعةَ.
مَن قُدّر عليهِ أن يساهمَ،
يطلبُ التضحيةَ.
مَن يأكلُ حتى التخمة، يكلّم
الجياعَ عن أزمنةٍ ستأتي رائعةً.
مَن يقُود البلادَ إلى الجحيمِ،
يؤكّد أن الحكمَ صعبٌ على العامةِ.



إلى مَن يولد بعدنا
في زمانِ الفوضى، أتيتُ
إلى مدنٍ، يحكمُها الجوعُ.
فاحتميتُ مع الناسِ في زمنِ
الهياجِ، منضمّاً إلى عصيانهم.
هكذا صرّفتُ وقتي
الذي وهِبتهُ في الأرضِ.
كنتُ آكل عشائي بين المعاركِ،
أرقدُ للنومِ بين القَتلَةِ،
لم يكن الحبّ يعنيني، وإزاءَ
جمالِ الطبيعةِ، كان صبري نافداً.
هكذا صرّفتُ وقتي
الذي وهِبتهُ في الأرضِ.
كانت الشوارعُ، في زمني،
تُفضي إلى مستنقعاتٍ كريهة،
ودلّتني كلماتي على السفّاحين.
لم يكن بوسعي إلا القليلُ،
لكن بدوني، لا يستطيعُ حكّامي،
النومَ في يُسرٍ: كان هذا خيالي.
هكذا صرّفتُ وقتي
الذي وهِبتهُ في الأرضِ.
قوانا محدودةٌ وضيعة،
ويقعُ مرمانا في مشهدٍ بعيدٍ
نستبينهُ بأبصارنا، مع أني،
بنفسي، لن أبلغَ شَأوهُ.
هكذا صرّفتُ وقتي
الذي وهِبتهُ في الأرضِ.
أنتم يا مَن ستبلغونَ السطحَ
بعدَ طوفانٍ غَمَرنا، فأغرّقَنا،
أوصيكم أن تفكّروا، وأنتمُ تثرثرون
عن ضعفنا في أزمنةِ العمَى،
حيثُ أنكم لم تصادفوا:
أيامَ كنا نُبدّلُ البلادَ،
أكثر مما نُبدّلُ الأحذيةَ.
خلالَ حروبِ الطبقاتِ، يئسنا
فلم يكن غيرُ الظلمِ والحُرماتِ. 
وبينما أدركنا أن بُغضَ القهرِ
يشوّه ملامحَنا، كان الغضبُ
من الظلمِ يجعلُ أصواتنا
عاليةً شنيعة. آهٍ، نحنُ، مَن
تمنّينا الرُقادَ جنبَ الينابيعِ
طلباً للسكينةِ والودّ، لم
نهتدِ إلى مسالكِ الودّ.
أما في الغدِ، حين لا يُعامل  
البشرُ غيرَهم كالحيواناتِ، 
فانظر خلفكَ غافراً.
.................................
ترجمة: محمد عيد إبراهيم