الخميس، 29 أغسطس 2019


قصيدة " منظر"
الشاعر الفرنسي شارل بودلير
ترجمة: عثمان علي عسل


إنني أود أن أرقد على مقربة من السماء كعلماء الفلك، لكي أنظم قصائدي الروحية في جو من الطهارة.
وأن أكون راقداً بجوار أجراس أصغي إلى أناشيدها المهيبة التي تحملها الرياح، سابحاً في أحلامي.
حين أطل من علِّيتي، وقد ذقنت على راحتي، سأشاهد العمال في مصنعهم ينشدون الأغاني ويلغطون، وسأرى المداخن والأجراس، وصواري المدينة، والسماء المترامية الأطراف التي تجعلنا نفكر في الأبدية.

***

إنه لبديع أن ترى، خلال الضباب، النجمً حين يتهلل في زرقة السماء، والمصباح في النافذة.
وأن ترى أنهار الدخان، وهي تتصاعد إلى قبة الجوزاء، والقمر ينثر إشراقه الشاحب.
سأرى الربيع والصيف والخريف، وعندما يُقبل الشتاء، بصقيعه الممل، سأغلق الأبواب والشبابيك لكي أشيد قصوري الخيالية الرائعة، تحت جنح الظلام.

***

حينئذ أهفو بأحلامي إلى الآفاق الزرق، وإلى الرياض، والينابيع التي تذرف دموعها على المرمر، وإلى القبلات، والطيور التي تغرد صباحاً ومساء، وإلى كل ما في الهوى من براءة الطفولة.
ولن تستطيع الرياح، مهما ثارت وعصفت بنوافذي أن ترفع جبيني من فوق مكتبي،
لأنني سأكون ذاهلاً في تلك النشوة التي أجدها حين أبعث الربيع بمشيئتي، وحين أنتزع شمساً من فؤادي، وحين أخلق جواً دافئاً من خواطري الملتهبة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترجمة: عثمان علي عسل
(*)المصدر: مجلة الرسالة/ العدد 500/ التاريخ 1943-02-01

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق