بقلم: سعيد بوخليط
نتلمس مع مزاج الجسد؛ مشارف
النهاية وممكنات اللانهائي،عاجلا أم آجلا. يستنفد الجسد قدراته الفيزيائية؛ تنقضي طاقة البيولوجي، ثم
الانسحاب من ساحة تماس مع أجساد أخرى.هكذا تأخذ علاقاتنا بأجسادنا،
مستويات تؤشر عن خرائطية التحققات التي تضع مُدد وفواصل وآفاق زمن الفرد الذاتي
قياسا لما يسمى اعتباطا مفهوم الحياة.
متى كانت صلتنا بجسدنا مسكونة
بهاجس الألفة،إلا وتجلت الحياة باعتبارها متسعا للوجود.على العكس،كلما زادت خصومات الجسد،طُرحت
بحدة مسألة توخي القطع مع هذا الجسد والتخلص منه.
يستحيل وضع نمذجة نهائية، فاصلة،ودقيقة
لمستويات تآلف الجسد من تباينه.طبيعة الاحتفال بأجسادنا،ثم مدى
سعادة كل جسد بالروح التي ترمز له. فكما أننا لا ننتقي أجسادنا،فبالضرورة لاتختار الأخيرة لبابها الجوهري
المسماة ''أرواحا'‘. فأي منطق وجودي يحدد هذه الحقيقة؟ لا منطق في الحقيقة.مما
يؤكد باستمرار وهمية امتلاء العالم،ومن ثمة إلحاحية سؤال الفراغالوجودي :لماذا
أحيا؟ماالجدوى؟السؤال السرمدي الذي استبطن سيرورة العالم منذ حدوثه.
جغرافية الجسد، تشكيله على الدوام تجليات
مختلفة جدا؛عن سياقات تحققها وبالتالي غير قابلة للتعميم.فالجسد غير آبه بتاتا بامتلاك
ذاكرة؛ أو أرض؛ أو ماض؛وينعدم لديه تماما أي تطلع مستقبلي.بل يؤسس صدفة حضوره؛عبر ومضات
غيابه.
عموما الذي بوسعه في هذا الإطار؛إرساء
هوية على سبيل الاحتمال،لا الإقرار، ثلة مشاهد تنفلت من أي مضمون أو تأويل، قادر
على منح علاقتنا بأجسادنا هوية ممتدة في التاريخ.قد يكون الجسد أفقا لاكتمال معاني
الحياة. وقد يصير
ميتات؛بلانهاية لموت متعارف عليه اتفاقا. إذن،الجسد كالتالي:
* طفل يكابد حتى النخاع آلام
ومعاناة داء عضال.
*امرأة
تجر أثقال جسد مترهل ومتعب منذ أن وعت وجودها وسط هذا العالم.
*شابة في غاية الجمال والذكاء
والأنوثة والاثارة، تموت هكذا مجانا قبل أوانها طويلا،اختناقا أو احتراقا أو تشظية
للأشلاء،جراء حادث عابر.
*عجوز أضاعت منذ زمان سحيق كل شيء
في هذا العالم،ولازال الأخير مع ذلك،ينفخ في ترنحها بسادية لاتفسير لها.
* شاب وهبه
جسده بسخاء مختلف أسباب تسيده العالم،ثم على حين غفلة جرده منها؛وحوله إلى نسخة
أصيلة جدا لمختلف معاني التعديم والاضمحلال والتلاشي.
* كائن يتوسل
الموت بكل تفاصيل جسده،ولاتحضر البتة. ثم كائن ثان،يعشق الحياة على امتداد الحياة،ولايفهم سبيلا للموت. مع ذلك، يصرعه الأخير نكاية.
مشاهد وأخرى وجدت لها كلمة واحدة
صاغت لحمة رابطة، جمعت شتاتها:إنها العبث. بمعنى،ما إن يسكنك جسد وينتابك هذا الشعور الوجودي،إلا وانتظر متواليات
دوامة اللامنتظر الباعثة على السأم والغثيان والتيه.فالحياة رحلة،والجسد احتمال. هكذا
يتبدى الأمر،بحيث تصير المعادلة وفق الصيغة التالية:إنها رحلة.الرحلة
مجازفة،لا اطمئنان معها.ربما الجسد زادها الوحيد، لكنه يظل
في جميع الأحوال احتمالا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق