الأربعاء، 15 مارس 2017

قصيدة: (رسول الطاغية)/ للشاعر الفرنسيّ: بيير ريفيردي

ترجمة: محمد عيد إبراهيم 



يبصقُ شَرراً على الليلِ، جَمراتٍ، حبّاً، برقاً، أجنحةً متكسّرةً، بُغضاً، نجوماً وعُملاتٍ ذهبيةً تتسارعُ. يبصقُ أنّاتِ ندمٍ على الليلِ. في نسيمِ الصمتِ، يتصارعُ معَ امرئٍ ويُسقِطهُ. يحشو بالصمتِ حلقَهُ. وسواءً في المدنِ الثائرةِ، أو المدنِ الحمراءِ حيثُ ينامُ عميقاً لدى كلّ مفتَرقٍ، حيثُ يُخلِفُ العابرُ أثراً لامعاً في الظلّ؛ وسواءً في بلدٍ مفتوحٍ مزوّدٍ نادراً بمواطنينَ غامضينَ؛ وسواءً في فلواتٍ غيرِ مؤهّلةٍ لا يأتي منها أحدٌ، يبذرُ رغبةً في الهواءِ وفي عقولِ الناسِ. يُلقَى الناسُ في بحرٍ من نُعاسِ ليلةٍ عزلاءَ. لدى كلّ بابٍ نصفِ مفتوحٍ، لدى كلّ لوحٍ زجاجيٍّ ترجفُ فيهِ الومضةُ يسمعُ امرؤٌ مصادفةً ما يقولُ، يسمعُ امرؤٌ هَبّاتِ العذابِ البليدةَ

 
كلّ شيءٍ مشدودٌ إلى اليدِ التي لا تَصفحُ أبداً. كلّ ما يُقالُ وما يُدوَّنُ تحتَ العنوانِ ذاتهِ. ذاتَ يومٍ ستُغمضُ عينَيكَ على ضياءِ الليلِ. كلّ تلكَ المصابيحِ في المساءِ. كلّ تلكَ الدروبِ الضائعةِ التي تنعطفُ فجراً. كلّ تلكَ النيرانِ التي تتساقطُ من غاباتِ السماءِ. كلّ أحلامِ الموتَى التي تواصلُ النبضَ. سيُغطَّى كلّ شيءٍ بأوراقِ الرصاصِ، بضحكاتِ الأيامِ النحاسيةِ فالوقتُ يفقسُ. من ثَمّ تُحرقُ النارُ الأبديةُ ماضيكَ، ماضيكَ المُمزّقَ بيدٍ مُدنّسةٍ. وهكذا تُقطِّعُ الغِربانُ المَمسُوسةُ أوصالَ السماءِ الرماديةِ. ستُطوَى بالكتابِ زوايا الصفحاتِ المُسوَدّةِ النافرةِ؛ الكتابِ الذي نقشتَ فيهِ أعصابَ حياتكَ. لن يتبقّى غيرُ اللُّعابِ الأسودِ، الصراخِ ليلاً، البغضِ، الحبّ، الذهبِ، الرغبةِ في الذهبِ، الحريةِ من دونِ جناحَينِ، عضعضةِ السلاسلِ. وفي بياضِ العينِ، بياضِ القلبِ، على جهةِ الحقيقةِ المقلوبةِ، القوةُ، القوةُ التي تَزِنُ وتقتلُ، القوةُ الشاملةُ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق