الجمعة، 26 أغسطس 2016

استحالَ قلبي يمامةً من أجلكَ

شعر: ساناز داودزاده فار
ترجمة: محمد عيد إبراهيم


ساناز داودزاده شاعرة إيرانية شابة، مواليد 1987، من الأهواز، وتعيش في طهران حالياً. طالبة دراسات عليا في علم النفس . بدأت رحلتها الفنية مع المسرح، كذلك ترسم وتكتب قصصاً للأطفال. تنشر في وسائل الإعلام، لكن بسبب الرقابة لم تستطع طبع ديوانها في ايران.

اللوحة للفنان البلجيكيّ: رينيه ماجريت 

1.    

متعبٌ أن أفكّر فيها
السكينةُ
قد تُشعلُ سِيجارةً.
وتنامُ على أريكةٍ جلديةٍ
لتنسَى العالمَ قاطبةً
وبعدَ قليلٍ
تروحُ في النومِ
كأنها طفلٌ وليد.


2.    
على غيرِ ما أتوقّعُ، 
صارَ قلمي شجرةَ دِلْبٍ
كلّها غِربانٌ،
ثمّ غطّت الغِربانُ كلماتي.
كيفَ أكتبُ الآنَ
بعدما استحالَ قلبي يمامةً من أجلكَ؟


3.    
أن أموتَ واقفةً
حلمٌ بعيدُ المنالِ
فالأشجارُ، منذ سنينَ،
تولَدُ أُفقياً. 

4.    
أنتَ تكبرُ على عجلٍ
فلا أصلحُ لكَ طفلةً، 
في عمركَ الطاعنِ
عارٌ عليكَ ـ
رُحْ إلى دارِ المُسنّين،
يا حبيبي. 


5.    
هكذا الحياةُ
فاجعةٌ
ولا شيءَ يعدلُها
فاجعةً. 


6.    
أعتزلُ 
وتودّ أن تغمرَ
بي ضجّةَ الشارعِ العامِ
لا تدنُ 
خلّ صوتَ رفيفِ الفَراشِ
تسمَعهُ مني.


7.    
جئتُ باكيةً إلى العالمِ
عشتُ باكيةً
آهِ لو أرحل
بمثلِ بسمةِ الموناليزا. 


8.    
لو أزلتَ ما بيننا من حدودٍ
لهاجَرتُ فيكَ
من غيرِ إذنٍ
فلم أكُن سياسيةً
بل فررتُ من الحبّ
وإن عدتُ بتروا
لساني وشفتَيّ
فالحبّ محدودٌ
صامتٌ ومشَرّد. 


9.    
لأصلَ إليكَ
أمشي على كلماتٍ ميتةٍ
وقد أسمعُ
كِلمةً من أنينٍ. 


10.                      
لا فرقَ للسَجّانِ
من أيّ لونٍ زِيّهُ
مثلي، تتّخذ فصولي اللونَ
من ملبسهِ. 


11.                      
لقد لمَحتَ نظرتي
فلا تنشُد آلامي
هي تمحو آثاري
واسأل بعدي العصافيرَ
ففي نظرتي
فِقهُ العصافيرِ. 


12.                      
جزيرةٌ معتزلةٌ
تُحاطُ بوهمٍ من مزاميرَ منسوجةٍ
مشاعلُ لا تنتهي من لهبٍ
فلا يستطيعُ الزفيرَالشجرُ.
.
شجرٌ كأطيافٍ
يمضي بدربٍ مستوحشٍ
دربٍ لا يفضي إلى مكانٍ
والناسُ أسرى
ملابسِ أشغالهم،
يأكلون، ينامون.
ها هنا ضيّعتُ عمري
في العشرين ونيفٍ.
.
تُحاطُ بوهمٍ من مزاميرَ منسوجةٍ
تُحاطُ بحضورٍ باقٍ لغربانٍ صارخةٍ
جزيرةٌ بجَوٍ باردٍ حارٍ
جزيرةٌ بأمطارٍ طيلة 300 يومٍ وأكثرَ 
ويومٍ بأمطارٍ عربيدةٍ
حولَها ماءٌ أجشّ،
عشرةُ أرقامٍ،
ومحالٌ تنتفخُ بالبضائعِ،
ضيّعتُ عمري هنا
أنكمشُ بملبسي
جسمي، طبلٌ
لغتي، صنّاجةٌ
كلماتي في شَرَكٍ بدائرةٍ أبديةٍ
يمحو كلٌ منها الآخرَ.
.
على هذه الجزيرةِ
مَن يفكّر قليلاً 
لنيلِ دفّةِ الأمانِ
برأسٍ ثابتٍ 
والحبّ هو المحيطُ.
.
إني بالعشرينِ من عمري ونيف
معَ أني هنا،
أصلُ الستينَ في عامٍ.

...................
(*) اللوحة، للفنان البلجيكيّ: رينيه ماجريت


(*) الشكر للشاعر والمترجم محمد عيد إبراهيم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق