القوقعة والكاهن
سيناريو فيلم
للشاعر الفرنسيّ: آنتونان آرتو
ترجمة: محمد عيد إبراهيم
مقدمة آرتو
صارت السينما اليوم على مفترق طرق، ويثبت كلا
الطريقين أمامها أنهما دربان عمياوان. فمن ناحيةٍ لدينا السينما التجريدية أو
"النقية"؛ وتقودنا الناحية الأخرى إلى فنّ مألوف هجين،
يترسّم بشكل كافٍ، أكثر أو أقلّ، مواقفَ نفسية، قد تحدث على المسرح أو بصفحات
كتاب، لكن ليس على الشاشة حيث نوجد كصورة باهتة لعالم يقع وجوده الحقيقيّ ومدلوله
في مكان آخر.
تمنحنا السينما
التجريدية أو النقية كلّ ما ينقصنا إلى حدّ بعيد وبصورة واضحة في أحد أساسيات
الفنّ السينمائيّ. ومهما كان ما في العقل الإنسانيّ مهيباً فهو يجد طريقه إلى باطن
كلّ تجريد، ونظلّ متبلّدين تجاه الأشكال الهندسية النقية، التي لا تعني بذاتها
شيئاً بل تخلو من تلك السمة الحسية التي يمكن تمثُّلها وحدها ثم إدراكها عبر عيون
الشاشة. كلّما حفرنا أعمق في العقل الإنسانيّ، صار كلّ انفعال أوضح، وإن كان
انفعالاً ذهنياً، فهو مؤسّس على حسّية عاطفية، عملية عصبية، متضمّناً (ولو بدرجة
طفيفة) قاعدةً مادية من نوع أو آخر، تردّداً يُعدّ انعكاساً لحالات مُتخيّلة أو مُجرَّبة،
تُقدَّم على أنماط مفهومة فعلياً في أحلامنا أو ساعات يقظتنا. تعتمد، إذن، سمة
السينما النقية، على إعادة تشكيل صور من هذا النوع، محكومة بذلك الإيقاع أو تلك
الحركة، والتي هي سمات محدّدة بفنّ السينما.
لدينا، إذن، من
جهةٍ، التجريد الخطيّ النقيّ (وتفاعل النور والظلال القادم من هذه الفئة)، ومن
جهةٍ أخرى، الفيلم النفسيّ الذي يرسم تطوّر سردٍ ما، سواءً كان درامياً أو غيره.
لكن، بين هذين الطرفين، ثمة مكان لفنّ السينما، ذلك الذي يُشرف عليه كلياً، بقيمته
وهدفه، وإلى حدّ بعيد، المنتجون.
يعتمد الانفعال أو
فكاهة الفيلم المغامر كلياً على السرد، فضلاً عن الصور؛ باستثناءات نادرة، ونستقي معنى
هذه الأفلام بكامله من العناوين الفرعية، وهو أمر حقيقيّ حتى مع تلك الأفلام التي
تستغني ظاهرياً عن العناوين الجانبية؛فالانفعال هنا أمر لفظيّ يدعو إلى الاستعانة
بالكلمات، أو هو عامّةً تأويل لفظيّ؛ للحدث والصور المستقاة من موقف قابل للتفسير.
نبحث من دون جدوى عن فيلم مؤسّس على مواقف بصرية نقية، ينبع حدثها من باعث يخاطب
العين وحدها حيث يؤسّس، فلنقل، سمات الإبصار الجوهرية، ولا تقيّده مضاعفات نفسية أومتّصلة
بالموضوع أو حكاية لفظية يُعبّر عنها بمصطلحات بصرية. ومن العبث البحث عن معادل
للغة المكتوبة بلغة بصرية ـ كمن يترجم عبارةً بأخرى فهو محكوم بالإخفاق. على اللغة
البصرية أن تُقدَّم، كما الحدث، فلا محلّ عندئذٍ للترجمة؛ فالحدث البصريّ يعمل على
العقل كالحدس العاجل.
لقد جرّبتُ، في
السيناريو التالي، إدراك هذا المفهوم عن السينما البصرية النقية، حيث يقوم الحدث
بتجريد النزعة النفسية كلياً. مع أن هذا السيناريو سيخفق من دون شكّ في بلوغ ذروة
ما قد نفعله في هذه الأسطر، إلا أنه رائد في مجاله. فإني لا أقترح قمع النزعة
النفسية إطلاقاً؛ لم يكن هذا هو المثال الذي أقترحه للسينما ـ فهو بعيد عنه. لكن
للنزعة النفسية أن تُقدّم بمنحىً حيّ يتّسم بالحيوية، معفىً من التحشية المقحمة
على تفسير البواعث المزعومة لأدوارنا بمنطق أخرق، بدلاً من عرض مثل هذه الأدوار في
كافّة سياقاتها البدائية، الوحشية في الحقيقة.
ليس هذا السيناريو
حكاية حلمٍ ولا يدّعي أنه كذلك؛ ولن أسعى لتبرير تفكّكه بأداةٍ بسيطة تحت عنوان
أنه مجرد حلم. فللأحلام منطقها الخاصّ؛ بل الأكثر، لها حياتها الخاصة، حيث تنغرس
في واقع نسبيّ معتم. ينشُد هذا السيناريو تصوير واقع داكن للعقل بسلسلة من الصور،
يتوالد ذاتياً ولا يملك شيئاً بشأن الظروف التي ينبع منها، لكنه محكوم، فلنقل،
بضرورة ملازمة وحتمية من قِبل ذاتها، تلك التي تدفعها قُدماً نحو النور.
القشرة الخارجية
للأشياء هي أديم الواقع، وهي المادّة الخامّ للسينما. ولتعظيم هذه المادّة، نُعرّي
روحانية الجوهر العميقة وعلاقتها بعقل الإنسان الذي تُستقَى منه. تولد الصور، كلّ
منها نتاج لسلفه، فلا غنىً عن الصورة، ولا عن توليفها الموضوعيّ الذي يترسّمه، فهو
أصليّ أكثر من أيّ تجريد. إنها تخلق عالماً مستقلاً بذاته. ومن هذا التفاعل للصور،
ثمة استحالةٌ للعناصر، وهنا تنشأ لغة غير عضوية تعمل على عقولنا بما تنضح به ولا
تتطلّب أية ترجمة إلى كلمات. فالسينما تعالج المادة ذاتها، الحدث الذي يخلق نوابضه
من تشابك الموضوعات، الأشكال، عوامل الجذب، وعوامل التنافر. فهي لا تفصل ذاتها عن
الحياة، بل تُعيد اكتشاف الأشياء ضمن ترتيبها البدائيّ. أما أكثر الأفلام نجاحاً
فهي تلك التي تتميّز بعنصر الفكاهة ـ على المثال، في أفلام ماليك(·) الأولى وأفلام شارلي
شابلن حيث "الشأن الإنسانيّ" على أقلّ تقدير. فالفكاهة بشكلها العاصف ـ
هي جوهر سينما تتميّز بسحر الأحلام، سينما مفعمة بنسيم الحياة. أما الحركة الدائمة
للموضوعات، الأشكال، والمظاهر فهي أفضل إدراك لنوبات الفكاهة الغريبة، لسكرات
الموت، للواقع الممزّق بالسخرية،والتي هي صرخة الروح الإنسانية المشدودة إلى نقطة
الانهيار.
نصّ السيناريو
يبيّن لنا المنظر الأول رجلاً، في زيّ أسودَ، يمزج
سائلاً في أكؤس بأطوال وسِعات مختلفة. لصبّ السائل من كأس لأخرى يستخدم نوعاً من درقة
قوقعة، ثم يهشّم كلّ كأس بعدما يقوم بتوظيفها. ثمة كومة هائلة من القوارير قربه.
يُفتح بابٌ للتوّ؛ يدلف منه ضابط جيش. زميل بمظهرٍمُزدَهٍ، بدين ومفتون بنفسه، كما
أنه موشّىً بأوسمة. في إثره سيفٌ عملاق. يجوس حوله كالعنكبوت، مرة في ركن معتم،
ومرة على السقف. لدى كلّ قارورة تتهشّم، يقفز الضابط. نراه الآن واقفاً خلف الرجل
ذي الزيّ الأسود ويتناول درقة القوقعة من يدَيه. يتركه له الأخير، بمزاج طريف من
الدهشة. يسير الضابط مرة أو اثنتين حوالي الغرفة، ممسكاً القوقعة؛ ثم يسحب سيفه من
غمده ليفسخ القوقعة بضربة ماحقة. فتهتزّ الغرفة أجمعها من وقع الصدمة. تومض
المصابيح، ولدى كلّ رنّة واجفة من الضوء يحوّم طرف السيف. يذرع الضابط الغرفة،
متبوعاً على أربعته بالكاهن (يبدو أنه ذو الزيّ الأسود).
نرى الكاهن لا يزال على
أربعته، يمضي مهرولاً عبر الشارع. تعترضه الآن سلسلة من أركان الشارع. تظهر فجأة
عربة مفتوحة، تجرّها أربعة جياد؛ يجلس فيها الضابط، مصحوباً بامرأة جميلة ذات شَعر
أبيض. جاثماً عند ركن بالشارع، يشاهد الكاهن العربة وهي تمرّ قربه فيلاحقها بأقصى
سرعة. تصل العربة إلى كنيسة. يترجّل الضابط والمرأة، فيدخلان الكنيسة، متّجهين إلى
مقصورة الاعتراف. يدخلانها سوياً. عند تلك اللحظة يبرز الكاهن فيرمي بنفسه على
الضابط. ينتفخ وجه الضابط، يتخدّد وينقَّط؛ ولا نجد الكاهن ممسكّاً بين ذراعيه
ضابطاً بل قسّاً. تبدو المرأة ذات الشَعر الأبيض على معرفة بالقسّ، لكنها تراه
مختلفاً. بسلسلة من الصور المقرّبة يظهر لنا وجه القسّ، ودوداً وراضياً كما يظهر
في عينَيْ المرأة؛ همجياً ومتوعّداً حين يدور إلى الكاهن. يسقط الليل بسرعة غريبة.
يرفع الكاهن بين ذراعيه القسّ فيؤرجحه ذهاباً وجيئة؛ حوله يزداد الهواء فراغاً
ونراه الآن على قمة جبل. تقع عند قدميه (بانطباع مفرط) شبكة من الأنهار والسهول.
يُقذَف القسّ من بين يدَيْ الكاهن كالرصاصة، كمقذوفٍ ينفجر، فيسقط ذاهلاً عبر
الفضاء.
المرأة في كرسيّ الاعتراف
مع الكاهن. يترنّح رأس الكاهن كورقة شجر وعلى حين غِرّة يبدو كأن صوتاً باطنياً
يبدأ منه الكلام. يطوي كُمّيه وبنعومة، على نحو ساخر، ينقر ثلاثاً طاولة الاعتراف.
فتنهض المرأة. ثم يصفق الكاهنُ البابَ فاتحاً إياه بضربة مجنونة من قبضته. من ثَمّ
يلقي بنفسه عليها فيشقّ رداءها عنوةً كمن سيمزّق ثديَيها. لكن يبدو الآن أنهما مغطّيان
بدرقة قواقع. يقوم بنزع درعية الصدر ملوّحاً بها وامضة في الهواء. وبينما يلوّح
بها مهووساً، يتغيّر المنظر فجأة إلى صالة رقص. يدخل أزواجٌ، يطأ البعض مسترق
الخطو على أطراف الأصابع، والآخرون في عجلة محمومة. تبدو سندريلاّ كأنها تتابع
حركات الراقصين. تلبس النساء تنانير قصيرة للغاية، يستعرضن سيقانهن، أثداءهن
الوافرة، وشَعرهن الهفهاف.
يدلف زوجان ملكيان ـــــ
الضابط والمرأة اللذان تعرّفنا عليهما من قبل ـــــ يتّخذان مقعدَيهما على منصّة.
الزوجان ملتحمان معاً. في الركن ثمة رجل وحده، من حوله مساحة فراغ واسعة. يمسك درقة
قوقعة، يُنعم فيها النظر بانتباه مستغرق غريب. نتعرّف تدريجياً عليه فهو الكاهن.
لكن يدخل بغتةً هذا الكاهن نفسه، فيقلب كلّ ما في طريقه ممسكاً درقة القوقعة أو
درعية الصدر تلك التي نزعها بعنف من لحظة مضت. يرفعها عالياً لكأنه سيهاجم بها
زوجين من الراقصين. لكن في هذه اللحظة يتجمّد الزوجان متصلّبين، المرأة ذات الشعر
الأبيض والضابط يذوبان بالهواء ثم تظهر المرأة نفسها في الطرف الآخر من الغرفة ضمن
مدخل الباب المقوّس الذي فُتح للتوّ.
يبدو هذا الشبح وقد أرعب
الكاهن. فيُسقط درعية الصدر التي، وهي تتهشّم، تشعّ عموداً من اللهب. من ثَمّ،
وكأنه صُدِم بحسّ مفاجئ من الخِزي، يُلمَح أنه يلفّ ثيابه مشدودةً حوله. لكن وهو يتشبّث
بأذياله ليسحبها على فخذيه، بدا أن أذياله استطالت فشكّلت سبيلاً واسعاً من
الظلمة. عبر هذه الظلمة، يركض الكاهن والمرأة كروحين مخبولتين.
وكان مشهد هروبهما موشّىً
بصور للمرأة في حالات منوّعة: حيناً وخدّها منتفخ جداً، ثم تلصق من بعدُلسانها
خارجاً، وبينما كان يستطيل إلى ما لا نهاية، يمسكه الكاهن كأنه حبل؛ثم حيناً ينتفخ
صدرها إلى أبعاد مخيفة.
في نهاية مسارهما، نرى
الكاهن يسلك ممراً، بينما يبدو على المرأة أنها تسبح خلفه في نمط من حوض سماويّ.
يظهر باب ضخم، مرصّع
بالحديد. يُفتح الباب بقوة غير مرئية فيمشي الكاهن متردّداً، وهو ينادي على امرئٍ
أمامه لم يكن قد دخل. يدخل غرفة واسعة فيها ثمة كرة زجاجية هائلة. يواصل سيره
متردّداً، وهو يُشير إلى امرئ غير منظور.
نشعر بذلك المرء قربه.
يرفع ذراعه كمن سيعانق جسم امرأة. وفي اللحظة ذاتها حين يوقن أنه يحضن الشبح،
المخادع غير المنظور، يرمي نفسه عليه فيخنقه، وهو يلوي قسماته بفرحٍ ساديّ. ندرك
أنه يقدّم الرأس المقطوع في وعاء زجاجيّ.
ها هو في الممرّ من جديد،
يبدو ضائعاً وهو يعبث بمفتاح كبير بين يدَيه. يتعجّل عبر الممرّ الذي بنهايته
بابٌ؛ يَفتحُ البابَ بالمفتاح. وراء الباب ثمة ممرّ آخر، وفي نهايته شخصان ـ
المرأة نفسها والضابط الموشّى بالأوسمة.
مشهد من الهروب
والملاحقة. من كلا الجانبين، قبضاتٌ تخبط الباب. الكاهن في قمرة سفينة. ينهض من
فِراشه وإلى ظهر السفينة. الضابط هناك، مقيّد بسلاسل. يبدو الكاهن الآن وهو يتأمّل
ويصلّي، لكن، حين يرفع رأسه، يرى فَمَين يتلامسان كلّ بالآخر، على مستوى عينَيه،
يكتشف الضابطَ جنبَ المرأة التي لم تكن هناك من لحظة مضت. وجسم المرأة يتدلّى
عمودياً من الهواء.
يهتزّ بنوبةٍ مفاجئة. تبدو
أصابع يدَيه وهي تنزع إلى خنق رقبة. لكن بين يدَيه تظهر صور سماوية، مشاهد طبيعية
فوسفورية؛ بيضاء شبحية، فيمرّ فوقسفينته، تحت قباب من الرواسب الكِلسية.
منظر بعيد للسفينة وهيتبحر
شاردة في بحر فضيّ.
منظر مقرّب لرأس الكاهن،
وهو متكئٌ، يتنفّس.
من بين شفتَيه
المفروجتَين، من بين أهدابه، ثمة تيار من أبخرة وامضة، تتكاثف في ركن من الشاشة،
كاشفةً عن مدينة أو مشاهد طبيعية ذات لمعان كثيف. في النهاية، يشحُب رأسه، بينما
تدوّم معاً البيوت والمشاهد الطبيعية والمدن، مشتبكةً ومفكّكةً، وهي تشكّل بحيرات
سماوية ورواسب كِلسية ساطعة. تحت الكهوف والسُحب والبحيرات نرى حدود السفينة، وهيتمضي
جيئةً وذهاباً، سوداء مقابل خلفية المدن البيضاء، بيضاء مقابل الأشباح التي تستحيل
فجأة سوداء.
على الجانبين أبواب
ونوافذ تُصفَق مفتوحةً. ضوء يفيض على الغرفة. أيّ غرفة؟ الغرفة التي تضمّ الكرة
الزجاجية. رهطٌ من الخدم وربات البيوت يغزو الغرفة، حاملين مقشّاتٍ ودِلاءً،
مندفعين إلى النوافذ. ينظّفون الغرفة في ولع، بحماس مهتاج. المرأة التي تبدو مدبّرة
المنزل، تلبس زياً أسودَ، تدلف وفي يدها الكتاب المقدّس فتتّخذ مكاناً قرب نافذة.
حين نرى وجهها، ندرك أنها المرأة الجميلة التي نعرفها. نرى بالشارع، في الخارج،
قِساً يهرول أماماً، ومن خلفه فتاةٌ بزيّ رياضيّ تمسك مَضربَ تنس. وكانت تلعب مع
ولد مجهول.
يدخل القسّ المنزل. يصل
الخدم الرجال من كافّة الأركان مصطفّين في بطانة مهيبة. لكن، ليتم التنظيف، يلزم
نقلُ الكرة الزجاجية، التي يبدو أنها نمط من مزهرية مملوءة بالماء. تُمرَّر من يد
لأخرى، ويبدوفي لحظاتٍ كأن رأساً بشرياً يتقلقل فيها. تستدعي مدبّرةُ المنزل
الولدَ والفتاةَ من الحديقة. القسّ حاضرٌأيضاً. من جديد، يواجهنا الكاهن والمرأة.
يبدو أنهما على وشكِ الزواج. لكن في هذه اللحظة ثمة حشدٌ يتجمّع من حوافّ الشاشة
فتُرى مناظرُللكاهن وهو نائم. تصل سفينة كبيرة، تشطرُالشاشة. تختفي السفينة فنرى
سُلّماً يفضي إلى السماء، ينزل منه الكاهن، مقطوعَ الرأس الآن، وهو يحملُ طرداً.
حين يدخل الغرفة، يتجمّع الكلّ وهو يفكّك الطرد، ثم يُخرج الوعاءَ الزجاجيّ. فيراقبه
الكلّ منتبهين. من ثَمّ يميل ناحية الأرض فيهشّم الكرة الزجاجية، ينبع منها عندئذٍ
رأسٌ، هي رأسه هو.
تلوي الرأس قسماتها بشكل
بشع.
يمسكها بين يدَيه لكأنها
قبّعة. يوضَع الرأس في درقة القوقعة. وهو يرفع القوقعة إلى شفتَيه، فيذوب الرأس
إلى سائلٍ داكنٍ يكرعه، وعيناهُ مغمضتان.
.......................................
(*) أنتونان آرتو Antonin Artaud: (1896/ 1948)، من أهم الطليعيين الفرنسيين، شاعر، مسرحيّ، ممثل،
مخرج، منظّر للسوريالية، أثّر في مسرحيّ العبث (بيكيت، يونسكو، جينيه). من
كتبه: مسرح القسوة، فان جوخ (المنتحر
بأثر من مجتمعه)، رقصة بايوت
(رحلاته في المكسيك)، الفوضويّ المتوّج.(م)
(*) اللوحة، بريشة آرتو نفسه.
(*) الفيديو المرفق هو أول فيلم سورياليّ عام 1928، عن السيناريو نفسه، أخرجته جرمين دولاك.
(*) الفيديو المرفق هو أول فيلم سورياليّ عام 1928، عن السيناريو نفسه، أخرجته جرمين دولاك.
(·)
Malec: هي شركة الإنتاج الفرنسية التي
اشتُهرت أيام تشارلي شابلن، وكان خطّها الرئيس هو إنتاج أفلام تعبّر عن الكوميديا
الإنسانية. (م)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق