الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

جاك ديريدا

بقلم: الباحث المغربي سعيد بوخليط
تعتبر الصلة بين الاشتغال المفهومي والتجربة اليومية، ثابتة. لاسيما، عند المثقفين الغربيين، وبالأخص الكبار منهم. بحيث، يستحيل أن يفصلوا بين مسار مختبراتهم النظرية، وتأثيرات ذلك على التقاطعات أو التباعدات التي تؤسس لعلاقاتهم مع الآخر والعالم. فالرؤية، متكاملة ومنسجمة. لذلك، حينما السعي للقاء مفكر، فإننا نراهن حتما على التطابق بين المجرى الوجودي والفكري. غير، أن هذا الطموح قد تتعقب خطواته سوء الفهم أيضا، والارتياب، حينما تتحسس قاعدة الوفاء اضطراب الفلاسفة، وانسيابهم المنفلت والمتمرد عن كل تقنين. قد يفسدون، بجرة تصريح أو مقالة صحافية أو وصية، نشوة كل من  يدعي رصده القاطع لبيوغرافية عظماء الفلاسفة بين أركان صندوق زجاجي، نطمئن في إطاره، إلى أسماء تثير الرهبة، متوهمين بأننا حصرنا تعدد دلالاتهم في نواة راسخة.
لذلك، ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار تحذير فيلسوف محترف مثل ديريدا، كما أورده في كتابه الأكثر حميمية، المعنون ب : [circonfession]، كابحا جموح، من يقلّبون صفحات حياته، كي ينتشلوا اعترافات فلسفية. تنبيهه ثاقب، حين قال : ((بالتأكيد، إرساء الحقيقة، لا صلة له بما تسمونه حقيقة، لأنه كي يتحقق الاعتراف، لا يكفي أبدا الاستناد إلى المعرفة، وأن أدرك مثلا معنى أن أخبركم بأني أمضي إلى الموت، أخون، أشتم، أحلف كذبا. لا يكفي أبدا، أن أقدم نفسي للرب أو لكم (...). إذن، ماهية الاعتراف الجوهرية، لا صلة لها بالحقيقة)). جزم كهذا، لم يمنع باحثا مهووسا بجاك ديريدا، اسمه "بينوا بيترز" من تجميع خيوط أول سيرة ذاتيه تهم حياة ديريدا. منطلقا ربما من مسلمة، الفلاسفة يعيشون أيضا.
 لكنه، يتساءل في الوقت ذاته عن معنى حياة "فلسفية" ؟ ، بناء على منطق انسجام أطروحات الفيلسوف مع واقعه.
منذ 2007، شرع "بينوا بيترز"، في تهيئ بيوغرافية عن ديريدا صدرت مؤخرا عن منشورات "فلاماريون" ، بالموازاة أيضا مع دراسته الأخرى : [Trois ans avec Derrida les carnets d’un biogaphe].
ولد بينوا بيترز بباريس يوم 28 غشت 1956. بين 1974 و 1976، ولج ما يسمى في النظام التعليمي الفرنسي، بسلك الأقسام التحضيرية للأدب، وكذا إعدادية المعهد العالي للأساتذة بثانوية "لوي –لو غران"  التي مر منها ديريدا، قبل ذلك، كتلميذ داخلي. خلال هذه الفترة، اكتشف للمرة الأولى كتابات ديريدا : [L’écriture et la différence] و [De la grammatologie]. ثلاث سنوات، فيما بعد، التحق بالسوربون (باريس1) فحصل على الإجازة في الفلسفة، ثم انضم إلى طلبة رولان بارت بمؤسسة "الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية" ، حيث اشتغل على بحث تحت إشرافه، وكان يحضر من حين لآخر، الحلقات العلمية لجاك ديريدا بالمدرسة العليا للأساتذة. ابتداء من سنة 1982، تفرغ كليا للكتابة، فتأرجحت اهتماماته بين السيناريو والنقد  وميدان النشر وكذا  مفهوم المَعَارض . سنة 1983، التقى ديريدا ثانية، لكن في ظروف مختلفة، بحيث أنهى حينئذ تأليفا مشتركا مع"ماري فرانسواز بليسار" حمل تسمية:(Droit de regards)، أراد تقديمه  إلى ديريدا، ملتمسا منه كتابة توطئة لإصدارهما.
لكن، بعد انقضاء سنوات ثلاث على وفاة الفيلسوف، أضحى هاجس إكمال سيرة تؤرخ لتراثه فكرة ملازمة لاهتمامات بينوا بيترز، يؤكد هذا الأخير، بالتالي كرس كل وقته لهذا الطموح. قرأ بشغف البيبليوغرافية الضخمة التي تركها ديريدا، وسبر أرشيفاته المحتفظ بها في جامعة "إيرفين"  بكاليفورنيا و "معهد ذاكرة الإصدار المعاصر" المتواجد بمنطقة نورمنديا الفرنسية، كما جمع ووثق مئات الاعترافات في حق ديريدا... .
يتعلق الأمر، بفيلسوف موسوعي، قارب مشروعه الضخم، 60 مؤلفا، دون أن نأخذ في الحسبان محاضراته التي لم تنشر بعد. جل ثقافات العالم، تعرفت على فكر ديريدا وترجمته. ستطلعنا، صفحات سيرة ذاتية رائعة، على حياة الإنسان الكاتب : طفولته، عائلته، علاقاته النسائية، صداقاته، جاذبيته، محطاته، أحزانه، أذواقه الأدبية، تعليمه، مساره السياسي، عشقه للملابس واهتمامه بفن الطبخ. إنها، ليست دراسة فلسفية، ولا مدخلا جديدا لفكر ديريدا، عبر قناع "البيوغرافية الذهنية"، بل يشير الأمر إلى سيرة ذاتية حقيقية، قائمة طبعا على قراءة متكاملة لعمل ديريدا، وتنقيبا حثيثا، مسّ كثيرا من البلدان والفضاءات. سيرة، حددت بعمق رؤيتنا تجاه من سيبقى بلا شك، أهم فيلسوف في النصف الثاني من القرن العشرين.
أعاد "بينوا بيترز"، رسم المسافات الضرورية لمراحل حياة، قادت شابا يهوديا علمانيا، ولد سنة 1930 ب البيار على مرتفعات الجزائر، وطرد من الثانوية شهر أكتوبر 1942، في ظل النظام السياسي ل فيشي. غادر ديريدا، نحو باريس سنة 1949، كي يتابع دراساته بثانوية لوي لو غران ، ثم دخل المدرسة العليا للأساتذة. لذا، فالكتابة عن حياة ديريدا، تعني إجمالا الحكي عن تاريخ يهودي جزائري صغير، طرد من المدرسة في سن 12 عاما، لكنه صار أهم الفلاسفة الفرنسيين ترجمة إلى لغات العالم.
سنة 1966، وقد ألمّ بأطروحات هوسرل، سيشارك ديريدا في الندوة الشهيرة عن البنيوية التي نظمتها جامعة جونز هوبكنز، بالولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب رولان بارت، جون بيير فيرنان، روني جيرار، جون هيبوليت وجاك لاكان. لحظة خصبة، بالنسبة للتاريخ الثقافي الفرنسي الأمريكي. سنة 1967، التقى "بول دومان" ، وهو منظر حداثي للنقد الأدبي، مهد الطريق لديريدا وجهة بعض الجامعات الأمريكية. هكذا وبسرعة قياسية، عاش نجاحا باهرا، لاسيما مع إصداره لعمليه :[الغراماتولوجيا] (مينوي 1967) و [الكتابة والاختلاف] (سوي 1967). واعتُبر، في ظرف عشر سنوات، ندّا لجيلين لامعين من المفكرين، لم يتوقف قط عن محاورتهم : إيمانويل ليفيناس، موريس بلانشو، جان جنيه، ميشيل فوكو، بيير بورديو، لوي ألتوسير، جيل دولوز، جان فرانسوا ليوطار، بول ريكور، جاك لاكان، كلود ليفي  ستراوس... . من ثمة، تعني استعادة ديريدا بهذا الخصوص، إعادة تشييد سلسلة جدالات غنية في رهاناتها، لكنها غالبا قاسية مع  قامات في حجم ستراوس، فوكو،  لاكان، جون سورل أو يورغان هابرماس... . انصبت أحيانا على قضايا عديدة، تجاوزت الدوائر الأكاديمية.
على امتداد الأعوام، التزم ديريدا بعمل قوي تراوح بين البحث  والتدريس والتأليف. سنة 1983، أسس مع آخرين "الكوليج الدولي  للفلسفة"، والتحق بمدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية.
بيد أنه،  كلما ازداد تألقه، وتداول الرأي العام ابتداء من سنة 1986 نقده الحاد للماركسية والبنيوية وكذا النموذج الأعلى لتقويض النظام القائم أي ما يسمى ب "فكر 1968". كلما، تعرض ديريدا لهجوم حاد، إلى درجة أن الإعلام رسم له صورة تناقضه، ولأنه غير مرغوب فيه، لم يُرشّح أبدا لكوليج دوفرانس. الشعور، بالرفض من قبل الجامعة الفرنسية، أخذ شيئا فشيئا شكل قناعة ذاتية، عند رمز فكر الاختلاف.
آمن ديريدا دائما، بالاشتراكية الديمقراطية. كان، مناهضا للاستعمار. مناصرا، لقضية المرأة. معارضا، لعقوبة الإعدام. حاملا، لواء ثقافة الأنوار. متشبعا بالنظام الجمهوري، ومفتونا بدوغول ونيلسون مانديلا. أبدع، كتابة فلسفة جديدة، أراد بواسطتها تغيير الحدود، من هنا، اهتمامه بالأدب والقانون والتحليل النفسي. وكذا مختلف الأوضاع المجتمعية، للمنبوذين والمثليين والأقليات والمهاجرين السريين وزواج المثليين، ثم، معاركه المناهضة لمختلف أنواع المعاناة والتمييز والعنصرية ومعاملة الحيوانات بقسوة... . مع ذلك، اتُّهم ديريدا بالعدمية ورفضه الديمقراطية، نتيجة اهتمامه الإيجابي بالمنظرين النازيين "مارتن هيدغر" و "كارل سميت"، حينما انكب على أطروحاتهما شارحا ومفسرا. وما سيعضد، في نظر خصومه، هذا التصنيف، دفاعه سنة 1987 بشكل جنوني عن صديقه المنظر الأدبي "بول دومان"  الذي  تبيّن حين وفاته تعاونه خلال فترات من حياته، مع جريدة بلجيكية معادية للسامية. ديريدا، أيضا، لم يسلم من نعته باليساري المتطرف، لما أصدر كتابه : [Spectre de marx] (غاليلي، 1993)، الذي تضمن دراسة أساسية عن مفهوم الثورة... .
من بين الإشارات المثيرة لهذه السيرة الذاتية، حكاية "ليلة براغ" (1981)، عندما اتهمت السلطات التشيكية ديريدا، كونه مهرب مخدرات. ثم، ديريدا، الذي ألقى خطابا بجامعة القدس يوم 25 ماي 2003، وهو يعلم إصابته بسرطان البنكرياس، ويصعب أن نتقبل موته، فقد ترافع بشكل مؤثر لصالح الفلسطينيين، حيث عقّب عليه  "دومنيك دوفيلبان"، الوزير الفرنسي آنذاك للشؤون الخارجية، قائلا : ((جاك ديريدا، إنكم تمنحون زخما مغايرا لكلمات الإنسانية، الأكثر قوة وبساطة (...) منهج مبدع ومتحرر للغاية. تفكيك دون تقويض أبدا، كي نذهب أبعد)).
أثار ديريدا، صخبا نظرا لتربصه العقلاني المفرط، بكل ما يبعثه اللامتوقع، الهامش، والحدود القصوى وكذا المشتت. هكذا تتجلى، القيمة المعرفية الهائلة، للمفهومين اللذين أشاعهما عبر برنامجه العلمي الغني، غنى مفهوم التفكيك الذي تجاوزت إجرائيته، الفلسفة نحو حقول أخرى كالدراسات الأدبية والهندسية والقانون والتيولوجيا والحركة النسائية وكذا مباحث الجنس والنوع أو الدراسات ما بعد الكولونيالية.
 التفكيك، أفق يبتغي خلخلة نظام فكري مهيمن ومقاومة تسلط الواحدية من أجل التطور، أفضل صوب المستقبل. أما، الرافد الثاني، فهو الاختلاف الذي يخول إمكانية التفكير في كونية للآخرية. ديريدا، نفسه نظر إلى ذاته باعتباره يهوديا، عربيا، فرنسيا وأوروبيا، تسكنه الفلسفة اليونانية.
شكّل، الأرشيف لدى ديريدا شغفا حقيقيا، وتيمة تأملية، مثلما صرح في آخر تدخلاته العمومية : ((لم أضيع شيئا أو أبدده، حتى تلك الوريقات الصغرى، التي جاءتني من بورديو أوباليبار، وأنا لازلت بعد طالبا (...)، أحتفظ بكل شيء. سواء الأشياء الثمينة أو من تبدو ظاهريا بلا دلالة)). لقد، كان ديريدا واعيا بأهمية هذا الأرشيف، وتمنى أن يتم الانكباب على دراسته. في حوار أجراه سنة 2001، مع مجلة « Genesis »، يفسر أيضا: ((الحلم الكبير (...)، أن  كل هاته الأوراق والكتب والنصوص والأسطوانات، لازالت تعيش معي. هي شهود، قبل ذلك. أفكر طول الوقت في الأمر. ذاك، من سيأتي بعد موتي، وتتاح له مثلا فرصة مصادفة كتاب قرأته سنة 1953، لابد أن يطرح على نفسه التساؤل التالي: "لماذا وضعت علامة هنا، وسهما هناك ؟ ". أنا، مهووس بالبناء المستمر لكل قصاصات هاته الأوراق وآثارها)). لذا، كان حظ "بينوا بيترز" وافرا، لأنه أول شخص أتيحت له فرصة الإحاطة بأرشيف هائل، احتوى ما يلي :
1ـ تراث ديريدا، المتواجد في مكتبة لانغسون التابعة لجامعة إيرفين بكاليفورنيا : ويضم نصوص ديريدا، وهو طالب بالثانوية (1946-1952). المدرسة العليا للأساتذة (1952-1956). مسودات دروس ومحاضرات (1959-1995). مسودات مؤلفات ومقالات ومحاضرات (1959-1995). مذكرات شخصية. وثائق، تتعلق بقضية "بول دومان"  . مقالات صحافية (1969-2002).
2 ـ تراث ديريدا، الراقد بمعهد "ذاكرة الإصدار المعاصر"  : نعثر داخله على دروس ومحاضرات، (1995-2004). مسودات، مؤلفات ومقالات وندوات (1995-2004). مقالات صحافية (1963-2004). مختلف المراسلات التي توصل بها (1949-2004). مؤلفات عديدة، وكذا بعض المجلات والمقالات المكرّسة لفكر ديريدا، وأرشيفات سمعية وبصرية.
في هذا السياق، استحضر  الكاتب مختلف مراسلات ديريدا مع لوي ألتوسير، غابرييل بونور، بول ريكور، موريس بلانشو، بول دومان، ميشيل فوكو، هنري بوشو، سارة كوفمان، فيليب لاكو لابارت، جون لوك نانسي، روجي لابورت، إيمانويل ليفيناس، كاترين مالابو، أفيتال رونيل، فيليب سولير، إلخ. وسيبدو الأمر، ثمينا أكثر حين الإحالة على الرسائل المدهشة التي بعث بها ديريدا إلى بعض أصدقاء فترة الشباب، أمثال ميشيل مونوري ولوسيان بيانكو، لأنها تلقي الضوء على سنوات تكوينه العلمي.
كل هذا المجهود التوثيقي، صاحبته لقاءات مباشرة، طويلة وأحيانا متكررة، لبينوا بيترز، مع شخصيات قريبة جدا من محيط ديريدا، وعلى رأسها زوجته السيدة "مارغريت ديريدا" التي ساعدت كثيرا مؤلف السيرة، من خلال المعلومات المكثفة التي وفرتها له، وكذا مجموع الوثائق التي زودته بها. كما، التقى أبناءه، وأخاه وأخته وابن عمه الألماني، وزمرة من أصدقاء ديريدا يمثلون مراحل عمرية مختلفة، والناشرين، والطلبة، وزملاء التدريس.
بداية شهر أكتوبر 2004، أيام قبل الانطفاء النهائي، لهذا العقل الاستثنائي، رجل دائم الترحال عبر بقاع العالم، مع أنه كان يخشى وسائل النقل الجوية، علم بخبر إمكانية حصوله على جائزة نوبل في الأدب، فأجاب بقساوة مرعبة، وهو الفيلسوف الذي يقف عند حدود مؤسسات أكاديمية دون رفضها : ((يريدون منحي نوبل، لأنهم يدركون، بأني سأموت)).
سمات أساسية ، شكلت بنيات تأويلية، لهذا العمل :
ـ جاك ديريدا، فيلسوف مرهف الحس، قلق، جذاب. تميزت مراسلاته  بقيمة أدبية كبيرة، تمكن من متابعة تطوره حتى بغير معارف فلسفية. بحيث يؤكد الكاتب، بأن ديريدا، الذي تكشفه سيرته الذاتية، سيكون سهل الفهم ومندمجا في عصره أكثر مما نظن.
ـ اهتمامات إيتيقية وسياسية حاضرة منذ البداية، قبل أن تجد لها مكانا في قلب عمله. ويتموضع المسار الإنساني والذهني لديريدا، تحت وقع حدثين نفسيين عاشهما في صغره : الطرد من المدرسة لأنه طفل يهودي، ثم التمزقات الناتجة عن حرب الجزائر.
ـ صداقات استثنائية، جمعت ديريدا، بكُتّاب ومفكرين من العيار الثقيل.
ـ سلسلة جدالاته العميقة والحادة كذلك. أشهرها دفاعه عن هيدغر وبول دومان.
ـ مشروع فكري متين، لا يتحقق دائما، جعل من أحد أطفال يهود الجزائر، الفيلسوف الأكثر شيوعا في العالم المعاصر.
نـــص :
((بين أركان هذا الفضاء، الذي يمنح ديريدا ثانية، شعورا بالسعادة، بعد كل سفر، نعثر في كل زاوية منه على ركام من الكتب ومكاتب (...). هنا، تراكمت الرسائل، منذ مجيئه إلى المدينة. هناك، مؤلفات فلسفية ممزقة، من فرط قراءته لها وتعليقه عليها. في غرفة ثانية، نجد كتبا توصل بها على سبيل الإهداء. على امتداد السلّم، تظهر عناوين سلسلات. وجانبا، "الأدب المعشوق جدا". بعد، مرور سنوات "معتكفا" في التسقيفة الصغيرة للمنزل، بحيث لا يتمكن من الوقوف منتصبا، سينتقل كي يستقر في الشرفة، فأقام بعد ذلك خزانة  كبيرة. إذا احتاج ديريدا إلى فضاء، فلأنه يحتفظ بكل شيء:
حواسبه القديمة، أطروحات، مذكرات وكذا وثائق عديدة لطلبته، تراكمت طيلة أربعين سنة. في حديقة "ريزورونجيس"، نكتشف أيضا مقبرة تحتضن كل قطط ديريدا، وأشجار عيد الميلاد المجتثة. إن الأثر بالنسبة إليه، ليس مفهوما فلسفيا، بل حقيقة لكل لحظة)).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق