الأربعاء، 9 نوفمبر 2016

المناضل المعزول، والتضامن العالمي[1]

بقلم: عبد اللطيف اللعبي

ترجمة:سعيد بوخليط


كيف يكتب بجروحه دون تأجيجها ثانية،مجازفا بافتقاد الموضوعية المقدسة التي تعطي إمكانية استساغة خطاب ما أو استبعاده ؟أن تفحص ذاك من تعذر الدفاع عنه، مثل جراح حائر أمـام الألم الغريب لمريضه،بالتالي ليس لـه من اختيار آخر، غير إجراء عملية جراحية من منطلق الصدفة،حتى يتبين، ثم يقوم بعمل ما؟ هل يمكننا تقديم شهادة "فاترة"،حينما يتعلم الجسد ثانية، بطريقة ما وظائفه ولا تستضيء الأعين بنور النهار،ثم تخرج الكلمات من الفم، دون أن تجابه قط أقفال الصمت وكذا أسواره المرتفعة.عندما يتوقف ظل المحقق على التأثير فيك، لكي لا تحلق إلا بين هذه الكوابيس،حيث تشع التشوهات على صدرك مثل أورام الحمى، وتتحصن المأساة الفردية داخل آخر أكواخ ليل الهمجية الكبير.
لكي  لانخادع. يسهل اقتسام الفرح، الاعتقادات أو الطموحات أكثر من المعاناة، حينما تشمل هاته الأخيرة الجسد، الروح والوعي. ثم، تصير ذاكرة ثانية، توخز باستمرار.
نقولها بكل وضوح،إن الشخص الذي عاش التجربة الطويلة لسؤال المحقق والاعتقال، يصبح مفرط الحساسية. مما يصعب عليه أخذ مسافة حيال هذه التجربة، تلهمه كي يتحدث عن هذا الماضي المنصرم.
لكن بالرغم من ذلك، يجب أن تحاول إكراه نفسك حتى تستعيد هذا الواقع، وتجعل الإطلاع على مناطق معتمة ممكنا، سعينا لإخفائها والتكتم عليها مراعاة للكرامة الشخصية. تجنب التباهي إذن، وتقدم بشهادتك تحت قسم العدالة.
اعتقلت بداية سنة 1972، بتهمة المس بأمن الدولة. كنت، قد أسست سنة 1966 "أنفاس"، مجلة أدبية وثقافية أضحت مع مر السنين، منبرا للفكر الثوري بالمغرب. ساهمت،أيضا في إنشاء جمعية للبحث الثقافي، ودار "أطلانطس"  للنشر. أخيرا، أصدرت بالمغرب أولى أعمالي الأدبية.


انخرطت سنة 1969 بالحزب الشيوعي المغربي،ثم تركته سنة 1970 صحبة مناضلين آخرين. فوضعنا، بالتالي كمهمة، فتح مسار لبديل يساري، يتجاوز حدود وعجز المعارضة التقليدية. في خضم الحقبة التمهيدية للبرنامج السياسي، الإيديولوجي والتنظيمي لهذه الحركة الجديدة، جاء اعتقالي ومصادرة المجلة التي أشرفت عليها.
أريد التأكيد، بأن اليسار الإيديولوجي الذي انضويت داخله، لم يدع قط للعنف على طريقة : La guérilla[2]. سواء  الحضرية أو الغيفارية، كما كان الأمر رائجا تلك الفترة. الصراع الطبقي، بالنسبة إليه، قد يؤدي إلى تغيرات بنيوية (بما في ذلك سياسية)كان البلد في حاجة إليها.
ابتدأت محنتي فجر 27 يناير 1972. الاعتقال، وبعده التعذيب مباشرة. أتيحت لي فرصة، التحدث عن وقائع ذلك بين مضامين النصوص الأدبية. لكن سيكون من المفيد هنا، التركيز على دلالة هاته اللحظة بالضبط، والقطيعة الجذرية التي تحدثها مع تصور الزمان والمكان، ينقلب معها وضع الشرط الإنساني إلى شيء آخر. كل الذين عاشوا هذا التعميد الغريب،سيحتفظون دائما في أنفسهم،بجرح لا يندمل جراء التمزق. هناك إذن الماقبل : حياة تقريبا عادية، أفراح، أحزان، طموحات، الاندماج في نسيج سوسيوثقافي، الارتباط الحتمي بالقانون، وعقلانية أو لاعقلانية نسق ما. لكن كذلك، انتساب للجسد، للآخرين والعالم. ثم أيضا المابعدي: شساعة المجهول، حيث تتخرب كل الروابط، يتلاشى أتفه حق، تتعطل وظيفة كل وضع مجتمعي أو فكري للشخص، يختزل الفرد إلى صرامة كتلته الدماغية، ثم لدمه وعظامه وغضروفه. داخل فتحة هذا الباب الأرضي، الذي سينغلق عليه فلا شاهدا، ولا شفيعا، أو الاتكال على أي شيء مما يمكن في الزمان المعتاد، وضع حدود للسلوكات والابتزازات. وحده، ميزان القوة الفيزيائية الشرسة يشتغل، خاصة حينما ينتقل المستجوب إلى الأفعال. المعركة، التي سيستلم إليها إذن،وعي الضحية، مهولة. تأتي لحظة، ينتقل فيها الألم من الجسد، بعد أن حطمه كليا، لكي يحتل حقل الوعي ذاته. فالشخص الذي يهذي، فقد بالتأكيد جل قدراته الذهنية والحيوية. بعد زمان معين، فإن الرغبة الوحيدة التي يمكنه تخيلها، تتجه صوب الموت- النعمة. أظن، قد لامسنا هنا، أقصى لحظة عزل المناضل. فصل مطلق، يدرك الجلادون كيفية توظيفه لصالحهم، قصد الاستفادة من أثر المفاجأة، مع تأخر انسياب المعلومة.نستخلص من ذلك،مع الأسف، أن التضامن ولأسباب موضوعية، لا يلعب دوره خلال اللحظة الأكثر قسوة بل والمصيرية.
سيجتاز المناضل هذه المحنة أم لا. فقط، تكوينه الفيزيائي والعضوي ثم الذهني يكفل له إمكانية كتلك. في حين، لاشخص أتته فكرة القيام بإجراء كشف طبي، قبل هذا النوع من الاختبار. لذا، أن تقاوم أم لا، مسألة متروكة للصدفة.
صدر الحكم في حقي، شهر غشت 1973 : عشرة سنوات سجنا. للوصول إلى ذلك، كان من اللازم خوض نضالات متعددة، صحبة رفاقي ( لاسيما الإضراب عن الطعام الذي استمر 33 يوما) للإسراع بانعقاد المحاكمة وبالتالي معرفة مصيري.
مقارنة، مع ما يميز لحظة إخفاء المناضل، يبدو بأن التجربة السجنية تستند على نظام من المعاش الإنساني،أكثر ألفة وتحملا إذا جاز لنا قول ذلك. لأن نوع العنف والعزل،الممارس على المعتقل لا يماثل بتاتا، مع ماتعرض له داخل الأمكنة السرية للاعتقال والتعذيب.
يقوم النظام السجني،على استراتيجية أخرى في التحطيم وتقويض الصفة الإنسانية، بحيث آثر صيغة الموت البطيء. خبراء هذا النظام، فهموا جيدا بأن الإنسان ليس إنسانا، نتكلم  هنا بشكل عام، إلا إذا حقق عددا معينا من العلاقات، بشكل متقابل : هكذا من الإدراك الحسي فالإدراك الفعلي، من اليد إلى الدماغ، التطبيق ثم النظرية، من الإنسان إلى الإنسانية عبر نساء ورجال ملموسين، من الإنصات إلى الكلام، الخاص فالعام، والعكس بالعكس منذ بداية اللائحة.
بيد أن هذه العلاقات، ليست عمليات مجردة نمارسها في وضع مصطنع. فهي غير ممكنة، وبالتالي إجرائية، إلا إذا انغمس الإنسان في وسط حيث تتواجد داخل  حركة خاصة بها، كل العناصر التي تخول له أن يترجم إلى أفعال هويته الإنسانية. لا يتحقق الوضع الإنساني، إلا داخل البوتقة الاجتماعية، أي عبر جسم حي.
يستهدف النظام السجني، انتزاع الفرد من ذلك، وكذا مغطس الحياة. مما ينتج عنه، كائـنا مختزلا إلى أبسط تعبيراته، منقطعا عن العالم وأشباهه، لكن أيضا كائنا تشظى وأضحى مشوها.
يتأتى الأمر، من عملية بطيئة لجراحة الأعصاب. يضع الترويض كهدف، نهايته الخاصة : لن تكون هناك حاجة للترويض، لقد تحول الشخص إلى آلة خاضعة، تنظم حسب ما تبقى له من قدرات وقوى محركة، تدميره الكلي.
أمام هاته الاستراتيجية المؤسساتية التي تهيأت وتحددت طيلة قرون، لا يملك المعتقل أية استراتيجية أخرى مضادة  لها، عملية بشكل مباشر. من الضروري، أن يتدرب كثيرا على "مهنته العسيرة"، حتى يكون بإمكانه تحمل اللا-محتمل، والعثور على الثغرات التي تبيح لـه، ليس فقط تعطيل الآلة الجهنمية، لكن وضع حد لمفعولها الدموي.
فيما يخص وضعيتي الشخصية، إذا أمكنني الوقوف في وجه ذلك أثناء السنوات الأولى من اعتقالي، فالفضل يرجع إلى واقعتين أساسيتين : الشعر ومساندة أسرتي إلى جانب عائلات رفاقي.
لا يلعب التضامن العالمي، دوره الفوري. حينما اعتقلت، عانيت من غياب سواء في المغرب أو باقي العالم العربي، لحركة ديمقراطية تضع ضمن برنامج قضاياها الأساسية الدفاع عن حقوق الإنسان. فضلا، على أن مساندة الكاتب يعتبر أحيانا، نوعا من الترف، داخل بلدان يتم فيها الاستهزاء بأبسط الحقوق الأولية، وحيث اغتيال المعارضين يمثل تقريبا أحد مكونات اللعبة السياسية. إذا، استثنيت أقلية من المثقفين الأصدقاء، تجاسروا لكي يصرخوا على امتداد الصحراء، فقد تم بشكل عام، احترام  القاعدة الذهبية للصمت.
أولا، مكنني الشعر طيلة مرحلة الانعزال، كي أعقلن وضعي الجديد وأنسنته، مع تجاوز تشوهاته الأكثر فظاعة. فأن أكتب، صارت بالنسبة إلي إعلانا عن الوجود، وذاتا حية تصـارع عمليـة المـوت البطـيء. المجموعـة الشعريـة : [l'arbre de fer fleurit] التي تمكنت من إصدارها بفرنسا. مثلت أول فجوة  في دوائر العزل التي فرضوها علي.
ثانيا، دعم العائلات، بحيث تفاعلوا مثل حبل سرة جديد، يعيد ربطنا ثانية بالعالم الخارجي، بكل مبررات البقاء، ثم أن تعشق وتصارع. هاته العائلات، وفي مقدمتهن الأمهات، الزوجات، الأخوات، كان عليهن أيضا بدورهن الاعتياد كثيرا على هذه "الحرفة الصعبة". أغلبهن أميات، لا يعرفن من السياسة إلا تأثيرها على ثمن الخبز، العمل، الصحة والمدرسة...، لقد جسدن لي أفضل مرشد لإعادة اكتشاف القارة الإنسانية، حقا إنسانية.
بالتالي، أعتقد بأن التضامن العالمي (خاصة في المرحلة الأولى حيث يستحيل لأسباب إدارية، سياسية، ومعطيات أخرى الاتصال مباشرة بالمعتقل)، عليه السعي قصد تعضيد هذا السند الفريد في نوعه والفوري، كما جسدت ذلك عائلات المعتقلين. حبل السرة بالنسبة لهؤلاء، بإمكانهن أيضا أن يشكلن أفضل وسيط، بين حجج التضامن وضحايا القمع.
إحدى أولى النضالات التي خضتها مع مجموعتي، انصبت على الحق في تبادل الرسائل مع الأصدقاء، خاصة الأجانب. بالفعل، كسر هذا الفعل الكفاحي تدريجيا، حاجز الفصل المفروض، وتحسيس الرأي العالمي بوضعيتي. نتيجة لهذا الانفتاح، فإن صديقي'' Ghislain Repault '' صاحب مجلة'' Barbare ''، أخذ على عاتقه منذ 1975 مهمة أدت سنوات بعد ذلك إلى خلق لجنة دولية للدفاع عن حريتي (هيئات من فرنسا، بلجيكا، سويسرا، ألمانيا الفيدرالية، وكذا مساندة مجموعة من المجلات والشخصيات الفرنسية)، وفي غضون ذلك مجموعات من منظمة العفو الدولية (هولندية خصوصا) استطاعت الوصول إلي، ونسج علاقات معي بواسطة التراسل.
إضافة إلى موقف'' Ghislain Ripault '' أشير، إلى صدور أعمالي الأدبية (ضمنها الأعمال السابقة عن الاعتقال).
توجت هذه المبادرات بالحصول سنة 1979 على الجائزة العالمية للشعر، التي تشرف عليها المؤسسة الوطنية للفنون ب روتردام وجائزة الحرية سنة 1980، الممنوحة في العام ذاته للشاعر الكوبي أرماندو فالاداريس، والكاتبة الروسية ليديا تشوكوفسكايا .
الحقبة، التي سردتها هنا بسرعة، شكلت بالنسبة لي انبعاثا وئيدا، لكنه غير قابل للتقهقر. لكي أوضح فضل هذا الدعم، وظفت باستمرار صورة : عارشات الاحتضان. تشير إلى وجود نوافذ مفتوحة داخل زنزانتي، أستمد منها، جوهر الابتسامة البشرية، ثم أجمل شمس أخوية بين الناس أبعد من كل الحدود المصطنعة.
المستفيد من هذا التضامن، يحس لأول مرة منذ أن غاص في ليل الاستبداد، كونه قد نجا. شعور كهذا بالأمان حيوي حقا داخل تجربة، حتى لو تحددت العقوبة داخلها زمانيا، فإن الشك المطلق يستمر في التحويم على مصير المعتقل، خاصة  في بلدان يظل فيها الوضع القانوني شبحيا، وموضوع أية نزوة ظرفية للحكام[3]. يدرك المعتقل الآن، المواطنة البديلة التي اكتسبها من خلال الوعي الكوني. روابط القوة تغيرت، أرادوا أم كرهوا، مفروض على سجانيه إدراك هذه الحقيقة الجديدة.
إحدى الدروس المستخلصة في رأيي من هاته التجربة، الخاصية الذكية والفعالة لحملات التضامن الشخصية. شكلت هذه القضية، أصل جدالات أحيانا بوليميكية داخل المنظمات والمجموعات التي تناضل من أجل حرية معتقلي هذا البلد أو ذاك. لكن المعضلة،لا تتموضع بين عبادة الإيقونات، وأقصى دمقرطة. في الحالة المغربية، مكنت الحملات الشخصية أحيانا من إطلاق سراح "رأس اللائحة"، إلى جانب عدد معين من الرفاق، في الوقت ذاته. بصفة عامة، حملة  كتلك  تساعد  على إشعار قطاعات من الرأي الخاص، حيث لن يكون الوضع ذاته مع سجناء مجهولين. على  الفعل التضامني، عدم التغاضي عن هذا الامتياز. لكن الأمر، هنا لا يتعلق  أبدا بالعمل على تفضيله.
أطلق سراحي شهر يوليوز 1980، سنة ونصف قبل الموعد المحدد. بالتالي، لم أتمتع على الفور بحقوقي المدنية. كان من الضروري القيام بمحاولات طيلة أربعة سنوات، تدعمني في ذلك حركة جديدة من التضامن بالخارج، حتى أحصل على جواز سفري. يقال هذا، وأنا لم أسترجع بعد، وظيفتي كمدرس، وخاضع دائما دخل بلدي لمراقبة سرية تقريبا (بريد، تليفون).
حرية السجين،بالنسبة للحركة التضامنية، ليست إلا مرحلة، الأكثر أهمية بالتأكيد. إلا أن النضال، لحصول المعتقل السابق على كل حقوقه، لا يجب أن يضعف. حياة الحرية، عند الكثيرين من قدماء المعتقلين، تعتبر سجنا ثانيا أحيانا أكثر جهنمية مقارنة مع الأولى. إلى جانب التحديدات التي تمس الحرية الفردية، تطرح بحدة قضية الكسب المادي. نتحدث هنا، عن دائرة الحجز، الأكثر نفاذا. تقويضها، ومساعدة الضحية للخروج منها، ليست بأقل المهام المطروحة على الفعل التضامني.
تتوقف شهادتي الشخصية هنا. لأنني أشعر بالحاجة لمناقشة مسألة أخرى ذات طابع عام، رغبة في فتح السجال.
الفكرة المنطلق، لهاته الشهادة كانت كما يلي : ((المناضل المعزول، والتضامن العالمي)). هناك خطورة، في قراءة هذا المقترح بطريقة آلية : التضامن، يضع حدا للعزل أو ينتهي العزل بوجود التضامن. بشكل مفارق، يبدو بأن التضامن يمثل العبارة القوية والفعالة لهذه المعادلة. يكفي، وجوده لكي يستقيم التوازن بين الجائر والمظلوم، الضحية والجلاد. بينما، لانسائل مباشرة النسق المؤسس لعلاقة كهاته. لأن التضامن يندرج عموما ضمن مسار "الممكن"، فهو يخضع للقضية الهيغيلية التي تعتبر، "العقلاني واقعي" والعكس صحيح.
أما عن ضحية الاستبداد، فهو يوشك بين طيات هذا المنطق، التحول إلى صنف المستفيد. حقه المطلق في : (التعبير الحر، التنظيم النقابي أو السياسي، الاعتقادات الدينية أو الإيديولوجية، إلخ)يترك مكانه،لصالح المطالبة الوحيدة بالحرية الفيزيائية. ينتقل رهان نضاله إلى مستوى ثان. بهذا العمل، يؤثر التضامن في النتائج دون الأسباب. مهمة متعبة، حيث الإشباعات المدونة بطريقة مشثتة لها في الغالب ذكرى الرماد، بقدر لا نهائية مكائد الطغاة.
لنتفاهم جيدا،لا نناقش هنا شرعية المسار التضامني، إجمالا، تحدد الأخير علاقة قوى. يصعب معها،تجريده عن النظام القائم في العلاقات الدولية، علاقات تحكم هنا أو هناك الجماعات السياسية والمدنية. في عالم وكذا مجتمعات تعمل وفق معايير السلطة ثم المصلحة، الحجة الأخلاقية، هي قطعا هنا ذات وزن نسبي.
إلا أن مقياس حقيقة الشيء،وحتى واقعيته، لا يجب أن تصبح قط مطلقا، لاحتواء الفعل التضامني داخل حلقة التوضيب. عليه التمكن من التفكير باستمرار في استقلاليته الذاتية، حريته ومطلقه الخاص.
إذا كان هناك من مخطط، يجدر الاشتغال عليه بسرعة. فهو بالتأكيد، ذاك المستمد شرعيته المطلقة من قضية الإنسان، تحرره، كرامته، حقه في التعبير الحر والسعادة فوق الأرض.


[1]  ـ Abdellatif Laâbi : les rêves  sont têtus, écrit politiques, éditions Paris – méditerranée, 2001, P. 11-20.
وهي نفس المداخلة التي شارك بها اللعبي في ندوة تمحورت حول : "حقوق الإنسان والحريات"، نظمها الوزير الأول الفرنسي داخل  الجمعية الوطنية أيام 29/31 ماي 1985.
[2]  ـ مفهوم مستعار من الإسبانية، يستعمل من أجل الإشارة إلى معارك بمجموعات صغيرة، متحركة ومتكيفة تمارس حرب استنزاف وكمائن، والقيام بهجومات عسكرية، تقودها وحدات نظامية أو جماعة من المؤيدين. إن خطط la guérilla، هي إحدى أقدم أشكال الحروب غير المتساوية بين طرف ضعيف وآخر قوي. يحدد المقاتلون أهدافا عسكرية ولا يسيؤون إلى المدنيين كما هو الشأن مع التنظيمات الإرهابية. أما عن أبرز رموز فكر : la guérilla. فنجد: عبد الكريم الخطابي، ماوتسي تونغ، تشي غيفارا وتوماس إدوارد لورونس (المترجم).
[3]  ـ لقد عرفت أشياء من هذا القبيل. سنة 1975، سحبوني من زنزانتي، لكي يزجوا بي في قضية جديدة، تمس  أمن الدولة وعزلي لمدة ستة أشهر داخل حي الإعدام. ستتوقف،  المتابعات سنتين بعد ذلك. نظرا، لتفاهة الملف الكاريكاتورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق