الأربعاء، 16 يوليو 2014

باشلار ومالارميه : سعيد بوخليط

ستيفان مالارميه

الدينامية، الغموض، خيال التناقض... . مفاهيم، سعى باشلار في إطارها تلمس الخصائص الأنطولوجية لقصيدة الشاعر مالارميه( Mallarmé(1، الذي تصور نوعيا مفهوم الشعري كلحظة جديدة في ممارساتنا وعاداتنا الشعرية خاصة. يقول باشلار : (بالنسبة لفيلسوف، يأخذ على عاتقه مهمة تحليل الخيال الأدبي من خلال تحديد المواد الشعرية للصور وحركات الإلهام المتعددة، فإن عمل مالارميه Mallarmé يطرح ألغازا لا نهائية. لقد رفض بالفعل هذا الشاعر النادر الإغراءات الأولى للجوهر المختفي داخل الكلمات، لكي يتمرن على قوى الاعتقاد الشعري. بالنسبة، إليه فإن القصيدة من الضروري أن تشكل قطيعة مع عاداتنا. عاداتنا الشعرية أولا )(2).

يمثل مالارميه Mallarmé، بالنسبة لباشلار لغزا وسرا، لا يمكن الحكم عليه جيدا، إذا اكتفينا بالنظر إلى تجربته من خلال الأفكار. بل، يجب استحضار البعد الديناميكي والحركي، المؤسس لقصيدته : (إن موضوع مالارميه Mallarmé ، معجزة الحركة وليس لغز فكرة. على القارئ، أن يتهيأ ديناميكيا حتى يتمثل رؤيته النشطة. ويستفيد بذلك من تجربة جديدة عن أكبر الحركات الحية : الحركة المتخيلة )(3).

تنهض قصيدة مالارميه Mallarmé على الدياليكتيك والجدل : (ينتعش في قلب الحركات المستلهمة. داخل عمل مالارميه Mallarmé، ترتد دائـما الحركة الشعرية على ذاتها) (4). بالتالي، فإن قراءة سطحية عاجزة عن التقاط هذا النفس الشعري، تعطي الاعتقاد بأن الشاعر هنا يتردد : ( إنه يرتج، على العكس من ذلك، متوخيا إيجاد إيقاع أكثر عمقا وحرية في الآن ذاته. ارتجاج أنطولوجي )(5).

حين نلج عمق هذا التأويل الديناميكي للقصائد، وقصيدة مالارميه Mallarmé نموذج دال في هذا السياق، تتجلى بشكل كبير القيمة التأويلية لمفهوم التحليل الإيقاعي. مادام أن هاته اللحظة الشعرية، تتميز باهتزازها وتذبذبها مكسرة رتابة العادة الشعرية. حينئذ، تحملنا إلى النقطة (المركزية حيث يتبادل الثقل والضجر قيمتهما الديناميكية، ثم يضعان الكائن في اهتزاز )(6).

تتوخى الحركة عند مالارميه Mallarmé نقيضها. وحده، الخيال يعيش صيرورة كتلك. إمكانية، تجعلنا وجوديا عند منبع الكائن الديناميكي.

--------------------
هـــوامـش :


(1) Gaston Bachelard ; le droit de rêver, Presse Universitaire de France, 6ème édition 1988, page 159/164.
(2) Ibid, page 157.
(3) Ibidem.
(4) Ibid, page 157/158.
(5) Ibidem.
(6) Ibid, page 161.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق